recent
أحدث الموضوعات

إعدام محمد كُريِّم 6 سبتمبر 1798م

الصفحة الرئيسية


في مثل هذا اليوم 6 سبتمبر من عام 1798م تم إعدام حاكم الإسكندرية "محمد كُريِّم" بأمر من "نابليون بونابرت" قائد قوات الإحتلال الفرنسي لمصر، أو ما يُعرف بالحملة الفرنسية، وذلك عقاباً له على مقاومة القوات الفرنسية الغازية.

من هو محمد كُريِّم؟

وُلِد محمد كُريِّم على الأرجح في منتصف القرن الثامن عشر بحي الأنفوشي في الإسكندرية، وكان يتيماً، فتكفل به عمه، وكان دائم التردد على المساجد لتلقي العلم، وكان فصيحاً، شجاعاً، واشتُهر بين الناس في المدينة بوطنيته وصفاته الحميدة.

كانت مصر في ذلك الوقت ولاية عثمانية، وكان يحكمها إثنان من زعماء المماليك وهما "ابراهيم بك" و "مراد بك"، ونظراً للقبول الشعبي الكبير الذي كان يحظى به محمد كُريِّم في الإسكندرية؛ قام مراد بك بتعيينه حاكماً عليها من خلال توليته أمر الديوان والجمرك بالمدينة.

الحملة الفرنسية على مصر

بينما كان محمد كُريِّم يشغل منصب حاكم الإسكندرية، كانت بوادر الإحتلال الفرنسي لمصر قد بدأت تلوح في الأفق، ففي 19 مايو 1798 تحرك أسطول فرنسي ضخم بقيادة نابليون من ميناء "تولون" بفرنسا قاصداً الإسكندرية من أجل فرض إحتلال عسكري لمصر وجعلها مستعمرة فرنسية، وعندما بلغ الإنجليز أنباء تحرك تلك الحملة؛ عهدوا إلى "نلسون" بتعقب الأسطول الفرنسي وتدميره، وذلك لمنع فرنسا من إنشاء مناطق نفوذ لها في مصر والشام، مما كان سيضر بالمصالح الإنجليزية وخاصة طرق التجارة مع الهند.

وصل الأسطول الفرنسي إلى سواحل الإسكندرية في الأول من يوليو 1798، وبدأ في دخول المدينة من البحر في منطقة العجمي، ثم التوغل براً والسيطرة على جميع مناطقها، وكان عدد سكان المدينة في ذلك الوقت قليل جداً، ولم تكن بها حامية عسكرية قادرة على الصمود في وجه جيش الإحتلال الفرنسي المجهز بأحدث الأسلحة ومعدات الحرب في ذلك الوقت.

قد يعجبك: مذبحة القلعة 1 مارس 1811م

إلا أن السيد "محمد كُريِّم" قاد حركة مقاومة كبيرة ضد الغزاة الفرنسيين، وحشد مجموعة من الصيادين والعمال لمقاومة التقدم الفرنسي داخل الإسكندرية، فظل كُريِّم ورجاله يقاومون الفرنسيين في شوارع وأزقة المدينة، وكانوا يستخدمون الحصون التي كانت تسقط تباعاً تحت تأثير الضربات القوية من المدفعية الفرنسية.

ظل محمد كُريِّم يقاوم الفرنسيين حتى بعد أن دخلوا الإسكندرية وسيطروا عليها بالكامل، واعتصم مع من تبقى من رجاله داخل قلعة "قايتباي" وظل يقاتل حتى نفذت ذخيرته، فتوقف عن القتال وتم القبض عليه هو ومن معه، وأعلن نابليون الأمان وتوقف القتال في المدينة، وأعلن إجابه بمحمد كُريِّم وشجاعته الكبيرة في الدفاع عن الإسكندرية، فحاول أن يتودد إليه ويقربه منه؛ بأن أفرج عنه وأبقاه حاكماً على المدينة، وعيَّن معه الجنرال "كليبر" حاكماً عسكرياً قبل أن يتجه إلى القاهرة ويحتلها بعد الانتصار على المماليك في معركة الأهرام.

محمد كُريِّم يواصل المقاومة

أصر محمد كُريِّم على مواصلة المقاومة، ولاقت دعوته صدى كبير عند أهالي الإسكندرية، وانتشرت الثورة على الإحتلال الفرنسي في كافة أرجاء المدينة، فلم يجد "كليبر" أمامه سوى اعتقال محمد كُريِّم في 20 يوليو 1798، وقام بإرساله للأسطول الفرنسي في أبي قير، حيث ظل محبوساً في إحدى البوارج، ثم تم إرساله إلى "رشيد"، ومنها إلى "القاهرة" التي وصلها في 12 أغسطس 1798.

المحاكمة الهزلية والإعدام

في القاهرة تم توجيه اتهامات بالتحريض على المقاومة، وخيانة الجمهورية الفرنسية، لمحمد كُريِّم، واستمرت تلك المحاكمة الصورية حتى 5 سبتمبر 1798 حين أرسل نابليون لقاضي التحقيق يأمره أن يعرض على كُريِّم دفع فدية لخزينة الجيش الفرنسي مقدارها 30 ألف ريال حتى يفتدي نفسه، ورفض محمد كُريِّم دفع الفدية.

وفي 6 سبتمبر 1798 أصدر نابليون بونابرت أمراً بإعدام محمد كُريِّم رمياً بالرصاص، وتم تنفيذ الإعدام ظهراً في "ميدان الرميلة" بالقلعة، ويُقال إنه تم التمثيل بالجثة وفصل الرأس عن الجسد.

محمد كُريِّم في الذاكرة السكندرية

لا شك في أن محمد كُريِّم قد سجل اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الإسكندرية، من خلال مقاومته الشجاعة لواحد من أقوى الجيوش في وقته وأحدثها تسليحاً، وقد قامت الإسكندرية بتكريمه في 1953 من خلال وضع صورته مع صور محافظي الإسكندرية داخل مبنى المحافظة، وتم إطلاق اسمه على أحد الشوارع في منطقة "المنشية"، وعلى إحدى المدارس الخاصة في "سموحة"، وعلى مسجد يقع داخل نطاق قاعدة قيادة القوات البحرية المصرية في "رأس التين".
كما تم صنع تمثال له ووضعه في حديقة "الخالدين" كنوع من التكريم.

قد يعجبك: معركة المندرة 13 مارس 1801م
google-playkhamsatmostaqltradent