recent
أحدث الموضوعات

صهاريج المياه في الإسكندرية

صهاريج المياه في الإسكندرية

يعد نهر النيل هو المصدر الأساسي للمياه العذبة في مصر، وبالنظر لبعد الإسكندرية عنه، ظهرت الحاجة لبناء خزانات مياه ضخمة تحت سطح الأرض تُعرف بـ "الصهاريج"، من أجل تخزين كمياتٍ كبيرة من مياه الشرب بداخلها.
صهاريج المياه في الإسكندرية

ظهرت صهاريج المياه في الإسكندرية منذ العصر البطلمي، وزاد عددها وتطورت في العصر الروماني، وكانت المياه التي تملأ الصهاريج تأتي في وقت الفيضان عن طريق ترعة تمتد من الفرع الكانوبي للنيل، تُسمى ترعة شيديا.

بعد الفتح الإسلامي لمصر، ظلت الصهاريج تقوم بنفس وظيفتها الهامة في تخزين المياه، وفي عصر المماليك كان يُطلق اسم "السبيل" على المبنى الذي يعلو الصهريج، ويستخدم لسقيا الناس.

ويقال بأنه مع قدوم ما يُعرف بالحملة الفرنسية على مصر عام 1798م كان عدد الصهاريج بالإسكندرية يزيد على ثلاثمائة، ومع النصف الأول من القرن التاسع عشر بدأت أهمية الصهاريج تتراجع، وبدأ الإهمال يضربها، نتيجة التطور الذي حدث في عمليات توزيع المياه، من خلال شركة مخصصة لذلك.

أنواع الصهاريج

من حيث طبيعة الاستخدام تنقسم الصهاريج إلى "صهاريج خاصة" وتكون خاصة بطبقة الأغنياء وأصحاب النفوذ، حيث يكون الصهريج ملحقًا بالقصر أو بالمنزل، ويقع أمامه مباشرةً، ويقتصر استخدامه على أهل الدار فقط، ويكون صغير الحجم نظرًا لأنه يخدم عدد قليل من الناس.

أما "الصهاريج العامة" فيتم بناؤها في وسط الأحياء السكنية، ويستفيد منها عامة الناس، حيث تقوم بتغذية المنازل المحيطة بها بالمياه، وتكون ضخمة، وفي بعض الأحيان تتكون من عدة طوابق.


ولصهاريج المياه أشكال وأحجام مختلفة، فمنها المستطيل ومنها المربع، وتختلف أعداد طوابقها، لتكون قادرة على استيعاب كمياتٍ أكبر من الماء، ومنها:

(1) صهريج ذو طابقٍ واحد 

مثل صهريج ابن بطوطة، الواقع بمنطقة كوم الناضورة الأثرية، في نطاق حي الجمرك.
تم إنشاء هذا الصهريج في العصر المملوكي بهدف توفير المياه في الإسكندرية والمدن المحيطة بها.
ويرجع سبب التسمية لتخليد ذكرى الرحالة الشهير "ابن بطوطة" الذي زار الإسكندرية في القرن الرابع عشر الميلادي.
يعاني الصهريج حاليًا من إهمالٍ شديد، وتجمع للمخلفات والقمامة فيه!

(2) صهريج ذو طابقين

مثل صهريج دار إسماعيل، ويقع داخل مستشفى دار إسماعيل للولادة الموجودة في شارع شريف، وهو مستطيل الشكل ويتكون من طابقين، وهو مبني من الحجر الجيري، ويوجد في سقف الطابق العلوي فتحتان، يتم من خلالهما تزويد الصهريج بالمياه.

(3) صهريج ذو ثلاثة طوابق

مثل صهريج ابن النبيه الذي يقع في منطقة حدائق الشلالات بشارع السلطان حسين، ويصل عمقه إلى ثمانية أمتار، ويوجد بالطابقين السفليين أعمدة جرانيتية، أما الطابق الثالث فيتكون من دعامات حجرية تحمل عقود، والسقف عبارة عن قباب متقاطعة، ويوجد به فتحة مستديرة تنتهي بأنبوب من الفخار.

وعلى الأرجع فإن صهريج ابن النبيه قد تم بناؤه في العصر البيزنطي (حيث يظهر الصليب بوضوح على بعض الأعمدة)، وأعيد ترميمه في العصر المملوكي.

طريقة بناء الصهريج

يتم حفر المكان المراد إنشاء الصهريج به، والقيام بتبطين الأرضية، والمجاري المائية، حتى لا تتشبع الأرض بالمياه، وحتى يسهل تنظيف المجاري المبطنة وإزالة الرواسب منها.

في الغالب كان يتم بناء الصهاريج بأنواع الأحجار المقاومة للرطوبة، ويتم إضافة بعض المواد للأحجار حتى تمنع أي تسرب أو امتصاص للماء.

تستند أسقف الصهاريج على أعمدة رخامية أو جرانيتية، وفي بعض الأحيان تكون مغطاة بعقود أو قباب.

وللصهريج ثلاث فتحات تصل بينه وبين السطح الخارجي:

الأولى: يطلق عليها مصب الصهريج، وتستخدم لتزويده بالماء العذب، وتكون مصممة بطريقة تسهل نزول المياه إلى الصهريج، وتكون في الغالب في واجهته، حتى يسهل تفريغ الماء من خلالها، وكانت تُغطى بإحكام بواسطة خرزة رخامية، لمنع نزول الأتربة والقاذورات.

الثانية: تستخدم في رفع الماء من الصهريج، حتى يتم نقله للمنازل المجاورة، وكانت تسمى فوهة الصهريج.

الثالثة: وهي الفتحة المخصصة للنزول إلى الصهريج، من أجل تطهيره وتنظيفه، وإزالة ما علق بجدرانه من شوائب وقاذورات، والقيام بعمليات الترميم إذا تطلب الأمر.



google-playkhamsatmostaqltradent