مقابر الشاطبي الأثرية .. واحدة من أقدم جبَّانات الإسكندرية
تُعد مقابر الشاطبي واحدة من أقدم المقابر الأثرية في مدينة الإسكندرية، وترجع إلى بدايات العصر البطلمي، وقد تم اكتشافها عام 1904م.
تقع مقابر الشاطبي بين طريق الكورنيش وطريق الترام، إلى الشمال من مدرسة سان مارك، ومدخلها الحالي على شارع بورسعيد.
تاريخ بناء مقابر الشاطبي
تضم جبَّانة الشاطبي الأثرية مقبرتين، اتفق علماء اللآثار على أن الثانية قد بُنيت في منتصف القرن الثالث الميلادي نظرًا لوجود العناصر المعمارية التي تؤكد هذا التاريخ، أما المقبرة الأولى، فهناك جدل بخصوص تاريخ بنائها، وانقسم الباحثون إلى فريقين:
الفريق الأول يتزعمه برتشيا Breccia مُكتشف المقبرة، ويرى أن تاريخها يرجع إلى القرن الرابع قبل الميلاد.
الفريق الثاني يمثله أدرياني Adriani وعلماء آخرون، ويرى أن المقبرة تعود إلى منتصف القرن الثالث قبل الميلاد، مثل المقبرة الثانية.
قد يعجبك: لمحات من تاريخ مكتبة الإسكندرية القديمة
كانت المقبرة في الأساس خاصة بإحدى الأسر اليونانية الغنية المقيمة في الإسكندرية، ثم تحولت إلى جبَّانة عامة بنهاية القرن الثالث قبل الميلاد، وبحسبب هنري رياض فإن ذلك قد أدى إلى إدخال العديد من الإضافات المعمارية على المقبرة.
طرق الدفن المستخدمة في مقابر الشاطبي
استُخدِمت في مقابر الشاطبي طريقتان للدفن
الطريقة الأولى: يتم فيها وضع الجثة على السرير الجنزي، كما هو الحال في حجرة الدفن في المقبرة الرئيسية، حيث لا يزال يوجد بها سريران.
الطريقة الثانية: يتم فيها الدفن داخل فتحات، وذلك في باقي الغرف الأخرى.
الزخرفة في مقابر الشاطبي
زُينت المقبرة الرئيسية بزخارف معمارية عبارة عن أنصاف أعمدة على الطراز الدوري، والطراز الأيوني، وبينها نوافذ وأبواب وهمية.
تظهر الصِبغة اليونانية بوضوح في زخرفة مقبرة الشاطبي، فتبدو وكأنها منزل يوناني مزخرف بالعناصر المعمارية.
قد يعجبك: منطقة السيرابيوم الأثرية في الإسكندرية
الزخارف الملونة في مقبرة الشاطبي
(1) الزخارف المعمارية الملونة والمداخل
كان المدخل الرئيسي لحجرة الدفن مزخرفًا من الداخل والخارج، فعلى جانبي الباب من الخارج توجد أربعة أعمدة أيونية، أبدانها ملساء، وتقف على قاعدتين، مع وجود زخرفة الأسنان في أعلى التاج، ثم واجهة مثلثة، وبين الأعمدة نافذتين وهميتين، اليُمنى مغلقة، بينما اليسرى مفتوحة.
ونجد أعلى فتحات الدفن بعض النقاط البارزة Guttae ، في حين أن مدخل الغرفة الخلفية يتخذ الشكل الجمالوني، ويقف على أعمدة ملتصقة بالحائط، بينما نلاحظ أن سقف الغرفة الأمامي يتخذ الشكل القبوي، لكي يتحمل ثقل الجبل الواقع عليه، حيث أن تلك الغرفة قد نُحِتت في الصخر.
(2) الزخارف الحائطية الملونة
في الجانب الشرقي من الدهليز نجد زخرفة تقسم الحائط إلى عدة مساحات ملونة، حيث تلون الحائط من أسفل إلى أعلى.
(3) زخارف الآرائك أو الأسرَّة الجنائزية
توجد أريكتان في حجرة الدفن مرتبطتان، ومحفورتان في الصخر على شكل زاوية قائمة، وترتفع كل واحدة منهما على قاعدة، ويُلاحظ أن أرجل الآرائك على الجوانب رفيعة، وتأخذ في المنتصف شكل صليب.
وعلى كل جانب توجد ثلاث وسائد، لابد وأنها كانت كلها ملونة، وهاتان الأريكتان ليس لهما مثيل في الإسكندرية.
قد يعجبك: صهاريج المياه الأثرية في الإسكندرية
(4) زخارف الشواهد الجنائزية
توجد مجموعة من اللوحات الملونة عليها موضوعات متنوعة، وأساليب مختلفة، كانت تعلو المقابر كشواهد جنائزية. ولقد عُثِر في مقابر الشاطبي على مجموعة من تلك اللوحات مصنوعة من الحجر الجيري، كما أن أشكالها مستطيلة ونُحِتت بمستطيلٍ ثانٍ مغطى بطبقة من المصيص يحمل المنظر المرسوم.
ونجد أيضًا في جبانة الشاطبي شاهد قبر لا يوجد تحت قاعدته أماكن لدفن الموتى، بل وجدنا آنيتين، وهذا يُعد دليلًا على حرق جثث الموتى.
الآنية الأولى من نوع Hydria ومزخرفة بأشكالٍ من الفستونات، أما الثانية فهي على شكل Hadra vases.
عُثر في الجزء الغربي من الجبانة على حوضين تتجمع فيهما مياه الأمطار، ثم تُغسل جثث الموتى اليونانيين فيهما قبل الدفن.
أهم الآثار التي عُثر عليها في مقابر الشاطبي
عُثر في مقابر الشاطبي على كثير من الآثار التي تعود إلى العصر البطلمي، أهمها تماثيل التناجرا الشهيرة، المعروضة حاليًا في المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، بالإضافة إلى عددٍ كبيرٍ من الآواني الموجودة أيضًا بنفس المتحف.
ومن العوامل التي ساعدت في تأريخ بناء جبانة الشاطبي، اكتشاف الأواني المسماة Kertsch Style وهو طراز متأخر من الـ Red Figure، الذي يُعد نوعًا من الفخار الأثيني ظهر ما بين 370-320 ق.م. وسُمي بذلك طبقًا للمنطقة التي عُثر بها على أعدادٍ كبيرة من تلك الآواني في جنوب روسيا حاليًا Kretsch.
مواعيد وأسعار زيارة مقابر الشاطبي الأثرية
تُعد مقابر الشاطبي من المواقع الأثرية المتاحة للزيارة في مدينة الإسكندرية، والزيارة متاحة من التاسعة صباحًا حتى الخامسة مساءً.
سعر التذكرة للمصري 10 جنيهات وللأجنبي 40 جنيهًا، بينما للطالب المصري 5 جنيهات، والطالب الأجنبي 20 جنيهًا.
أهم المراجع التي اعتمدنا عليها في كتابة هذا المقال
كتاب آثار الإسكندرية القديمة للدكتور عزت قادوس أستاذ الآثار اليونانية والرومانية بجامعة الإسكندرية.
قد يعجبك: أشهر طواحين الهواء الأثرية في الإسكندرية